﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

الدين الذي ارتضاه الله:

الإثنين 16 جمادى الأولى 1443, الاثنين 20 ديسمبر 2021

يحسن بنا أن نختم حديثنا عن الخصائص بذكر ما يمتلك هذا الدين من خصائص على سبيل الاختصار.

1- الدين الذي ارتضاه الله:

قال الله تعالى:

{ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلْإِسْلَٰمَ دِينًا ۚ }

(1).

 إنه من تمام نعمة الله على هذه الأمة، أن أكمل لها هذا الدين، ورضيه لها.

وقد عرف بعض أهل الكتاب مكانة هذه الخاصية، ورأوا أن يوم نزولها ينبغي أن يكون عبداً.

 أخرج الشيخان عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا.

 قال: أي آية؟.

______________________

1. سورة المائدة الآية (3).



قال: 

{ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلْإِسْلَٰمَ دِينًا ۚ }.

 قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم، والمكان الذي نزلت فيه على النبي ﷺ، وهو قائم بعرفة، يوم جمعة (1).

 وهذا أيضاً من تمام نعمة الله تعالى، أن جعل نزولها في يوم اجتمع فيه عيدان للمسلمين، فيوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم الجمعة، يوم عيد المسلمين.. فضائل اجتمع بعضها إلى بعض، فإذا نحن أمام نعم الله، وأما رضاه، وهي غاية ما يطلبه العباد.

 كان نزول هذه الآية الكريمة إعلاناً "لإكمال العقيدة، وإكمال الشريعة معاً، فهذا هو الدين، ولم يعد للمؤمن أن يتصور أن بهذا الدين - بمعناه هذا - نقصاً يستدعي الإكمال، ولا قصوراً يستدعي الإضافة، ولا محلية أو زمانية تستدعي التطوير أو التحوير، وإلا فما هو بمؤمن، وما هو بمقر بصدق الله، وما هو بمرتض ما ارتضاه الله للمؤمنين" (2).

 إن الآية الكريمة "تتضمن توحيد المصدر الذي تتلقى منه هذه الأمة منهج حياتها، ونظام مجتمعها، وشرائع ارتباطاتها ومصالحها إلى يوم القيامة، كما تتضمن استقرار هذا الدين بكل جزئياته الاعتقادية والتعبدية والتشريعية، فلا تعديل فيها ولا تغيير، فقد اكتمل هذا الدين وتم وانتهى أمره، وتعديل شيء فيه كإنكاره كله، لأنه إنكار لما قرره الله من تمامه وكماله. وهذا الإنكار هو الكفر الذي لا جدال فيه (3) وذلك قوله تعالى:

______________________

1. متفق عليه (خ 45، م 3017).

2. في ظلال القرآن 2/ 843.

3. في ظلال القرآن 2/ 833.



 {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلْإِسْلَٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ}

(1).

______________________

1. سورة آل عمران، الآية (85).

مواد ذات صلة