﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

معجزته ﷺالقرآن

الإثنين 16 جمادى الأولى 1443, الاثنين 20 ديسمبر 2021

أخرج الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: 

(مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)

(1).

 يقرر هذا الحديث الشريف عدداً من الحقائق منها:

1- أن كل نبي لا بد له من معجزة أو أكثر، تدعو من شاهدها إلى الإيمان بصدقه.

 2- وأن كل نبي يعطي من المعجزات ما يعد كافياً لحصول القناعة لدى قومه بدعواه، وأن الذين لا يؤمنون، لا يرجع سبب ذلك إلى عدم قناعتهم وإنما إلى معاندتهم واستكبارهم.

 وهذا واضح في قوله ﷺ: 

(مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ).

 "والمثل يطلق ويراد به عين الشيء، وما يساويه، والمعنى: أن كل نبي أعطي آية أو أكثر من شأن من يشاهدها من البشر أن يؤمن به لأجلها. أي يؤمن بذلك مغلوباً عليه، بحيث لا يستطيع دفعه عن نفسه" (2).

______________________

1. متفق عليه (خ 4981، م 152).

2. فتح الباري 9/ 6.



وقد أوضحت الصورة الدقيقة التي رسمها القرآن الكريم شأن الجاحدين والمعاندين، وكشفت عما تكن صدورهم ببيان لا يكون مثله إلا من عند الله تعالى، إذا هو العالم بالأسرار وما تكنه النفوس.

قال تعالى: 

{وَجَحَدُوا بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ}

(1).

 3- يثبت الحديث أن ما أعطيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم برهاناً ودليلاً وآية على رسالته يختلف من حيث الجنس والنوع عما أعطيه الأنبياء السابقون عليهم الصلاة والسلام.

وذلك واضح في قوله ﷺ مسبوقاً بأداة الحصر: (وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليَّ).

أي: إن معجزتي التي أتحدى بها، هي الوحي الذي أنزل عليَّ، وهو القرآن لما اشتمل عليه من الإعجاز الواضح.

 وليس معنى ذلك أنه ﷺ لم يكن له من المعجزات غير القرآن، بل المراد أنه المعجزة العظمى التي اختص بها دون غيره من الأنبياء.

وأن الدلالة على صدقهم تلك الآيات التي أعطاهم الله إياها.

 وأن الدلالة على صدقه ﷺ هو هذا القرآن العظيم، أما بقية المعجزات فهي روافد ولها مهمات أخرى تؤديها في بناء الدعوة سيأتي الحديث عنها إن شاء الله.

وخلاصة ما أقصد إليه في هذا الفصل:

 أن النبي محمداً ﷺ قد انفرد عن جميع الأنبياء السابقين، بأن جعل دليل وبرهان رسالته وحياً يتلى وهو القرآن.

وكانت دلائل وبراهين الأنبياء السابقين آيات مادية مضت ولم يبق منها إلا ذكرها الذي سجله القرآن الكريم، أو سجلته السنة النبوية المطهرة.

وأي خصوصية أكبر من هذه الخصوصية؟!.

كتاب فيه الدعوة وفيه الحجة.

______________________

1. سورة النمل، الآية (14).

 

مواد ذات صلة