﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

معجزته ﷺ غير القرآن

الثلاثاء 17 جمادى الأولى 1443, الثلاثاء 21 ديسمبر 2021

سبق القول في الفصل السابق بأن معجزاته ﷺ غير القرآن الكريم، هي من حيث الكثرة ربما زاد عددها على عدد معجزات جميع الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام.

ومع ذلك لم تكن لهذه المعجزات المهمة المناطة بمعجزات من سبق من الأنبياء. حيث كانت عندهم هي الحجة في الدعوة إلى الإيمان. وقد كانت هذه المهمة منوطة بالقرآن الكريم بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم - كما سبق القول - وليس بمعجزاته الأخرى صلى الله عليه وسلم.

يؤكد هذا ما جاءت به آيات القرآن الكريم.

قال تعالى:

{يَسْـَٔلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَٰبِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَٰبًا مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ۚ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰٓ أَكْبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓا أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ۚ }

(1).

وإنما كان سؤالهم تعنتاً وعناداً وإلحاداً، ولهذا لم يرد عليهم القرآن ولكن ذهبت الآيات الكريمة بعد ذلك تبين سلوكهم السابق وانحرافهم وموقفهم السيء من الأنبياء.

______________________

1. سورة النساء، الآية (153).


وفي موقف مشابه - سابق على موقف أهل الكتاب - أبطاله قريشون من أهل مكة، قص علينا القرآن الكريم قصة تبجحهم.

 قال تعالى:

{وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلْأَرْضِ يَنۢبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍۢ وَعِنَبٍۢ فَتُفَجِّرَ ٱلْأَنْهَٰرَ خِلَٰلَهَا تَفْجِيرًا أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِىَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلَٰٓئِكَةِ قَبِيلًا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِى ٱلسَّمَآءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَٰبًا نَّقْرَؤُهُۥ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّى هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا}

(1) [سورة الإسراء].

وواضح من النص الكريم أسلوب التعنت والإصرار على الكفر، ولذا لم يكن هناك تلبية لطلبهم وإنما قيل للرسول ﷺ: 

{قُلْ سُبْحَانَ رَبِّى هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا}.

فذكر بمهمته، وأنه بشر مثلهم لا يملك صنع الخوارق، وهو إنما يحمل رسالة الله إلى البشر.

وبين القرآن الكريم أن الأقوام السابقين لم تنفعهم المعجزات، وكذلك هؤلاء مثل من سبقهم.

 قال تعالى:

{وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلْآيَٰتِ إِلَّآ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلْأَوَّلُونَ ۚ }  

[سورة الإسراء] (2).

نخلص من هذا إلى أن المعجزات - غير القرآن - مما أجراه الله على يدي النبي ﷺ لم تكن الغاية منها أن تكون وسيلة إيمان، وإنما هي نوع من تكريم النبي ﷺ وإظهار فضله.

______________________

1. سورة الإسراء، الآيات (90-93).

2. سورة الإسراء، الآية (59).


كما لم تكن لتحدي الكفار، فإن معظم المعجزات كانت تجري والنبي ﷺ بين الصحابة رضي الله عنهم، وهم ليسوا بحاجة إلى أدلة أو براهين.

 ومن هنا تأتي خصوصية معجزاته صلى الله عليه وسلم واختلافها عن معجزات الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام من حيث:

- المهمة.

- الغاية.

 بل إنه ليس من مبالغات القول، أن بعض معجزاته ﷺ كانت له مهمة بعيدة جداً عما وضع للمعجزات من مهمات.

 فالإسراء مثلااً كانت معجزاته لتنقية الصف المسلم واختباره قبل الهجرة، ليعلم من كان أهلاً لها ومن لم يكن أهلاً لها ومن لم يكن أهلاً لها. كما سيأتي ذلك مفصلاً إن شاء الله تعالى.

مواد ذات صلة