﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

تجهيز جيش أسامة بن زيد لقتال الروم

الخميس 16 ربيع الأوّل 1446, الخميس 19 سبتمبر 2024

لم يزل رسول الله ﷺ يذكر مقتل زيد بن حارثة وجعفر وأصحابه، ووجد عليهم وجدا شديدا، فلما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة أمر رسول الله ﷺ الناس بالتهيؤ لغزو الروم، وأمرهم بالانكماش في غزوهم. فتفرق المسلمون من عند رسول الله ﷺ وهم مجدون في الجهاد، فلما أصبح رسول الله ﷺ من الغد، يوم الثلاثاء لثلاث بقين من صفر، دعا أسامة بن زيد فقال: يا أسامة، سر على اسم الله وبركته حتى تنتهي إلى مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك على هذا الجيش، فأغر صباحا على أهل أبنى وحرق عليهم، وأسرع السير تسبق الخبر، فإن أظفرك الله فأقلل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء، وقدم العيون أمامك والطلائع. فلما كان يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر، بدي برسول الله ﷺ، فصدع وحم. فلما أصبح يوم الخميس لليلة بقيت من صفر عقد له رسول الله ﷺ بيده لواء، ثم قال: يا أسامة، اغز بسم الله في سبيل الله، فقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغدروا، ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة، ولا تمنوا لقاء العدو، فإنكم لا تدرون لعلكم تبتلون بهم، ولكن قولوا: اللهم، اكفناهم، واكفف بأسهم عنا! فإن لقوكم قد أجلبوا وصيحوا، فعليكم بالسكينة والصمت، ولا تنازعوا ولا تفشلوا فتذهب ريحكم. وقولوا: اللهم، نحن عبادك وهم عبادك، نواصينا ونواصيهم بيدك، وإنما تغلبهم أنت! واعلموا أن الجنة تحت البارقة.

قال: حدثني يحيى بن هشام بن عاصم الأسلمي، عن المنذر بن جهم، قال: قال: رسول الله ﷺ: يا أسامة، شن الغارة على أهل أبنى!

قال: فحدثني عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن أزهر بن عوف، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد، أن النبي ﷺ أمره أن يغير على أبنى صباحا وأن يحرق.

قالوا: ثم قال رسول الله ﷺ لأسامة: امض على اسم الله!

فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الأسلمي، فخرج به إلى بيت أسامة، وأمر رسول الله ﷺ أسامة فعسكر بالجرف، وضرب عسكره في سقاية سليمان اليوم. وجعل الناس يجدون بالخروج إلى العسكر، فيخرج من فرغ من حاجته إلى معسكره، ومن لم يقض حاجته فهو على فراغ، ولم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك الغزوة: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فى رجال من المهاجرين والأنصار عدة: قتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم بن حريش. فقال رجال من المهاجرين، وكان أشدهم في ذلك قولا عياش بن أبي ربيعة:

يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين؟ فكثرت القالة في ذلك،

فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعض ذلك القول، فرده على من  تكلم به، وجاء إلى رسول الله ﷺ فأخبره بقول من قال، فغضب رسول الله ﷺ غضبا شديدا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، يا أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة بن زيد؟ والله، لئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وايم الله، إن كان للإمارة لخليقا وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي، وإنهما لمخيلان لكل خير، فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم! ثم نزل ﷺ فدخل بيته، وذلك يوم السبت لعشر ليال خلون من ربيع الأول. وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله ﷺ، فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورسول الله ﷺ يقول: أنفذوا بعث أسامة! ودخلت أم أيمن، فقالت:

أي رسول الله، لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل، فإن أسامة إن خرج على حالته هذه لم ينتفع بنفسه. فقال رسول الله ﷺ: أنفذوا بعث أسامة! فمضى الناس إلى المعسكر فباتوا ليلة الأحد، ونزل أسامة يوم الأحد ورسول الله ﷺ ثقيل مغمور، وهو اليوم الذي لدوه فيه، فدخل على رسول الله ﷺ وعيناه تهملان، وعنده العباس والنساء حوله، فطأطأ عليه أسامة فقبله، ورسول الله ﷺ لا يتكلم، فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يصبها على أسامة. قال: فأعرف أنه كان يدعو لي. قال أسامة: فرجعت إلى معسكري. فلما أصبح يوم الاثنين غدا من معسكره وأصبح رسول الله ﷺ مفيقا، فجاءه أسامة فقال: اغد على بركة الله!

فودعه أسامة، ورسول الله ﷺ مفيق مريح، وجعل نساءه يتماشطن سرورا براحته. فدخل أبو بكر رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، أصبحت مفيقا بحمد الله، واليوم يوم ابنة خارجة فائذن لي! فأذن له فذهب إلى السنح، وركب أسامة إلى معسكره، وصاح في الناس أصحابه باللحوق بالعسكر، فانتهى إلى معسكره ونزل، وأمر الناس بالرحيل وقد متع النهار. فبينا أسامة يريد أن يركب من الجرف أتاه رسول أم أيمن- وهي أمه- تخبره أن رسول الله ﷺ يموت، فأقبل أسامة إلى المدينة معه عمر وأبو عبيدة بن الجراح، فانتهوا إلى رسول الله ﷺ يموت، فتوفى رسول الله حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول. ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف المدينة، ودخل بريدة بن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله ﷺ، فغرزه عنده، فلما بويع لأبي بكر رضي الله عنه أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت أسامة وألا يحله أبدا حتى يغزوهم أسامة. قال بريدة:

فخرجت باللواء حتى انتهيت به إلى بيت أسامة، ثم خرجت به إلى الشام معقودا مع أسامة، ثم رجعت به إلى بيت أسامة، فما زال في بيت أسامة حتى توفي أسامة. فلما بلغ العرب وفاة رسول الله ﷺ وارتد من ارتد عن الإسلام، قال أبو بكر رضي الله عنه لأسامة رحمة الله عليه:

انفذ في وجهك الذي وجهك فيه رسول الله ﷺ. وأخذ الناس بالخروج وعسكروا في موضعهم الأول، وخرج بريدة باللواء حتى انتهى إلى معسكرهم الأول، فشق على كبار المهاجرين الأولين، ودخل على أبي بكر عمر، وعثمان، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد ابن زيد، فقالوا: يا خليفة رسول الله، إن العرب قد انتقضت عليك من كل جانب، وإنك لا تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئا، اجعلهم عدة لأهل الردة، ترمي بهم في نحورهم! وأخرى، لا نأمن على أهل المدينة أن يغار عليها وفيها الذراري والنساء، فلو استأنيت لغزو الروم حتى يضرب الإسلام بجرانه، وتعود الردة إلى ما خرجوا منه أو يفنيهم السيف، ثم تبعث أسامة حينئذ فنحن نأمن الروم أن تزحف إلينا! فلما استوعب أبو بكر رضي الله عنه منهم كلامهم قال: هل منكم أحد يريد أن يقول شيئا؟

قالوا: لا، قد سمعت مقالتنا. فقال: والذي نفسي بيده، لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت هذا البعث، ولا بدأت بأول منه،

ورسول الله ينزل عليه الوحي من السماء يقول: أنفذوا جيش أسامة!

ولكن خصلة، أكلم أسامة في عمر يخلفه يقيم عندنا، فإنه لا غناء بنا عنه. والله، ما أدري يفعل أسامة أم لا، والله إن رأى لا أكرهه! فعرف القوم أن أبا بكر قد عزم على إنفاذ بعث أسامة. ومشى أبو بكر رضي الله عنه إلى أسامة في بيته، وكلمه أن يترك عمر، ففعل أسامة، وجعل يقول له: أذنت ونفسك طيبة؟ فقال أسامة: نعم! وخرج وأمر مناديه ينادي: عزمة مني ألا يتخلف عن أسامة من بعثه من كان انتدب معه في حياة رسول الله ﷺ، فإني لن أوتى بأحد أبطأ عن الخروج معه إلا ألحقته به ماشيا. وأرسل إلى النفر من المهاجرين الذين كانوا تكلموا في إمارة أسامة، فغلظ عليهم وأخذهم بالخروج، فلم يتخلف عن البعث إنسان واحد.

وخرج أبو بكر رضي الله عنه يشيع أسامة والمسلمين، فلما ركب أسامة من الجرف في أصحابه- وهم ثلاثة آلاف رجل وفيهم ألف فرس- فسار أبو بكر رضي الله عنه إلى جنب أسامة ساعة، ثم قال: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، إني سمعت رسول الله ﷺ يوصيك، فانفذ لأمر رسول الله ﷺ، فإني لست آمرك ولا أنهاك عنه، وإنما أنا منفذ لأمر أمر به رسول الله ﷺ. فخرج سريعا فوطئ بلادا هادئة لم يرجعوا عن الإسلام- جهينة وغيرها من قضاعة- فلما نزل وادي القرى قدم عينا له من بني عذرة يقال له حريث، فخرج على صدر راحلته أمامه مغذا حتى انتهى إلى أبنى، فنظر إلى ما هناك وارتاد الطريق، ثم رجع سريعا حتى لقي أسامة على مسيرة ليلتين من أبنى، فأخبره أن الناس غارون ولا جموع لهم، وأمره أن يسرع السير قبل أن تجتمع الجموع، وأن يشنها غارة.

قال: فحدثني هشام بن عاصم، عن المنذر بن جهم قال: قال بريدة لأسامة: يا أبا محمد، إني شهدت رسول الله ﷺ يوصى أباك أن يدعوهم إلى الإسلام، فإن أطاعوه خيرهم، وإن أحبوا أن يقيموا في دارهم ويكونوا كأعراب المسلمين، ولا شيء لهم في الفيء ولا الغنيمة إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، وإن تحولوا إلى دار الإسلام كان لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين. قال أسامة: هكذا وصية رسول الله ﷺ لأبي، ولكن رسول الله ﷺ أمرني، وهو آخر عهده إلي، أن أسرع السير وأسبق الأخبار، وأن أشن الغارة عليهم بغير دعاء، فأحرق وأخرب. فقال بريدة: سمعا وطاعة لأمر رسول الله ﷺ.

فلما انتهى إلى أبنى فنظر إليها منظر العين عبأ أصحابه وقال: اجعلوها غارة ولا تمعنوا في الطلب ولا تفترقوا، واجتمعوا وأخفوا الصوت، واذكروا الله في أنفسكم، وجردوا سيوفكم وضعوها فيمن أشرف لكم. ثم دفع عليهم الغارة، فما نبح كلب ولا تحرك أحد، وما شعروا إلا بالقوم قد شنوا عليهم الغارة ينادون بشعارهم: يا منصور أمت!. فقتل من أشرف له، وسبى من قدر عليه، وحرق في طوائفهم بالنار، وحرق منازلهم وحرثهم ونخلهم، فصارت أعاصير من الدخاخين وأجال الخيل في عرصاتهم، ولم يمعنوا في الطلب، أصابوا ما قرب منهم وأقاموا يومهم ذلك في تعبئة، ما أصابوا من الغنائم. وكان أسامة خرج على فرس أبيه التي قتل عليها أبوه يوم مؤتة كانت تدعى سبحة، وقتل قاتل أبيه فى الغارة، خبره به بعض من سبى، وأسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهما، وأخذ لنفسه مثل ذلك.

فلما أمسوا أمر الناس بالرحيل، ومضى الدليل أمامه، حريث العذري، فأخذوا الطريق التي جاء منها، ودانوا ليلتهم حتى انتهوا بأرض بعيدة، ثم طوى البلاد حتى انتهى إلى وادي القرى في تسع ليال، ثم قصد بعد في السير فسار إلى المدينة، وما أصيب من المسلمين أحد. فبلغ ذلك هرقل وهو بحمص، فدعا بطارقته فقال: هذا الذي حذرتكم، فأبيتم أن تقبلوه مني.

قد صارت العرب تأتي مسيرة شهر تغير عليكم، ثم تخرج من ساعتها ولم تكلم. قال أخوه: سأقوم فأبعث رابطة تكون بالبلقاء.

فبعث رابطة واستعمل عليهم رجلا من أصحابه، فلم يزل مقيما حتى قدمت البعوث إلى الشام في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

قالوا: واعترض لأسامة في منصرفه قوم من أهل كثكث- قرية هناك- قد كانوا اعترضوا لأبيه في بدأته فأصابوا من أطرافه، فناهضهم أسامة بمن معه، وظفر بهم وحرق عليهم، وساق نعما من نعمهم، وأسر منهم أسيرين فأوثقهما، وهرب من بقي، فقدم بهما المدينة فضرب أعناقهما.

قال: فحدثني أبو بكر بن يحيى بن النضر، عن أبيه، أن أسامة بن زيد بعث بشيره من وادي القرى بسلامة المسلمين، وأنهم قد أغاروا على العدو فأصابوهم، فلما سمع المسلمون بقدومهم خرج أبو بكر رضي الله عنه في المهاجرين، وخرج أهل المدينة حتى العواتق سرورا بسلامة أسامة ومن معه من المسلمين، ودخل يومئذ على فرسه سبحة كأنما خرجت من ذي خشب، عليه الدرع، واللواء أمامه يحمله بريدة، حتى انتهى به إلى المسجد، فدخل فصلى ركعتين وانصرف إلى بيته معه اللواء. وكان مخرجه من الجرف لهلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة، فغاب خمسة وثلاثين يوما، عشرون في بدأته، وخمسة عشر في رجعته.

قال: فحدثني محمد بن الحسن بن أسامة بن زيد، عن أهله، قال:

توفي رسول الله ﷺ وأسامة ابن تسع عشرة سنة، وكان رسول الله ﷺ زوجه وهو ابن خمس عشرة سنة امرأة من طيء، ففارقها وزوجه أخرى. وولد له في عهد رسول الله ﷺ، وأولم رسول الله ﷺ على بنائه بأهله.

قال: فحدثني أبو الحر عبد الرحمن بن الحر الواقفي، من ولد السائب، عن يزيد بن حصيفة، أن ابنا لأسامة بن زيد بن حارثة رحمه الله دخل به على رسول الله ﷺ في بيت أم سلمة، وهو أسود، فقالت أم سلمة: يا رسول الله، لو كان هذا جارية ما نفقت. فقال لها رسول الله ﷺ: بلى، إن شاء الله يجعل لها مسكان من ورق، وقرطان، ويجعل على المسلمين حلوق، فكأنه ذهب.

قال: حدثني محمد بن حوط، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، قال: كان أسامة بن زيد قد أصابه الجدري أول ما قدم المدينة وهو غلام، مخاطه يسيل على فيه، فتقذر به عائشة رضى الله عنها، فدخل رسول الله ﷺ فطفق يغسل وجهه ويقبله. قالت عائشة:

أما والله، بعد هذا فلا أقصيه أبدا.

عن محمد بن الحسن، عن حسين بن أبي حسين المازني، عن ابن قسيط، عن محمد بن زيد، قال: سقط أسامة فأصاب وجهه شجة، فكان رسول الله ﷺ يمص الدم ويبصقه.

عن ابن جريج، وسفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى ابن جعدة، أن رسول الله ﷺ قال لفاطمة وهي تمسح عن وجه أسامة شيئا، فكأنها تأذت به، فاجتذبه رسول الله ﷺ وانتهرها، فقالت: لا أتأذى به أبدا.

قال: حدثني معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أن مجزز المدلجي نظر إلى زيد وأسامة، وعليهما قطيفة وهما مضطجعان، قد خمرا رؤوسهما وأرجلهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض.

فسر رسول الله ﷺ لشبه أسامة زيد بن حارثة.

عن محمد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ عريانا قط إلا مرة واحدة، جاء زيد بن حارثة من غزوة يستفتح، فسمع رسول الله ﷺ صوته فقام عريانا يجر ثوبه فقبله. قال: حدثني موسى بن يعقوب، عن أبي الحويرث، ومخرمة بن بكير، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، قالا: إن رسول الله ﷺ قال لأم كلثوم بنت عقبة: تزوجي زيد بن حارثة فإنه خير لك فكرهت ذلك، فأنزل الله عز وجل: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا. [مغازي الواقدي 3/ 1117 – 1127]

الدروس المستفادة

الدروس المستفادة من هذا الحدث

  • إن جلّ غزوات وسرايا العصر النبوي، وتلك السرية التي تمثل خاتمتها؛ والتي حرص النبي على تجهيزها قبل رحيله، تؤكد قيمة الجهاد سبيلا لنصرة المسلمين، جهاد النفس والبدن.
  • كان حرص الحبيب محمد قبل وفاته على تجهيز السرية فيه قيمة أمانته على هذه الأمة، وحرصه عليها من غدر المتربصين، ومبادأته دوما بالهجوم عليهم في أرضهم قبل وصولهم لأرض المسلمين.
  • كان أسامة بن زيد، أفطس اللون (أسود) وهو ابن مولى الرسول وليس من القرشيين ، وقد تبنى النبي أباه وكان عبدا، قبل تحريم التبني، ومع حداثة عمره (18 عاما) آنذاك، أولاه النبي شرف قيادة سرية كبرى ضد الروم، وكان قائدا على أشرف الصحابة وسادتهم، فكان خضوعهم يعني أنه لا خيرة إلا لله ورسوله، وكان من حكمة اختياره أن أباه قُتل في سرية مؤتة أمام الروم، وكان قائد المسلمين الأول، فكان ثأر الابن محركا للفوز