﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

سرية شجاع بن وهب إلى هوازن

الخميس 16 ربيع الأوّل 1446, الخميس 19 سبتمبر 2024

سرية شجاع بن وهب إلى السي من أرض بني عامر من ناحية ركبة، في ربيع الأول سنة ثمان، وسرية إلى خثعم بتبالة عن عمر بن الحكم، قال: بعث رسول الله ﷺ شجاع بن وهب في أربعة وعشرين رجلا إلى جمع من هوازن بالسي، وأمره أن يغير عليهم، فخرج، فكان يسير الليل ويكمن النهار حتى صبحهم وهم غارون، وقد أوعز إلى أصحابه قبل ذلك ألا يمعنوا في الطلب، فأصابوا نعما كثيرا وشاء، فاستاقوا ذلك كله حتى قدموا المدينة [واقتسموا الغنيمة]، وكانت سهامهم خمسة عشر بعيرا، كل رجل، وعدلوا البعير بعشرة من الغنم، وغابت السرية خمس عشرة ليلة.

قال ابن أبي سبرة: فحدثت هذا الحديث محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان فقال: كانوا قد أصابوا في الحاضر نسوة فاستاقوهن، وكانت فيهن جارية وضيئة فقدموا بها المدينة. ثم قدم وفدهم مسلمين، فلما قدموا كلموا رسول الله ﷺ في السبي، فكلم النبي ﷺ شجاعا وأصحابه في ردهن، فسلموهن وردوهن إلى أصحابهن.

قال ابن أبي سبرة: فأخبرت شيخا من الأنصار بذلك فقال: أما الجارية الوضيئة فكان شجاع بن وهب قد أخذها لنفسه بثمن فأصابها، فلما قدم الوفد خيرها، فاختارت المقام عند شجاع بن وهب، فلقد قتل يوم اليمامة وهي عنده، ولم يكن له منها ولد. فقلت لابن أبي سبرة:

ما سمعت أحدا قط يذكر هذه السرية. فقال ابن أبي سبرة: ليس كل العلم سمعته. قال: أجل والله. فقال ابن أبي سبرة: لقد حدثني إسحاق بن عبد الله سرية أخرى، قال إسحاق: حدثني ابن كعب بن مالك أن رسول الله ﷺ بعث قطبة بن عامر بن حديدة في عشرين رجلا إلى حي من خثعم بناحية تبالة، وأمره أن يشن الغارة عليهم، وأن يسير الليل ويكمن النهار، وأمره أن يغذ السير. فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها، قد غيبوا السلاح، فأخذوا على الفتق حتى انتهوا إلى بطن مسحب، فأخذوا رجلا فسألوه فاستعجم عليهم، فجعل يصيح بالحاضر، فقدمه قطبة فضرب عنقه ثم أقاموا حتى كان ساعة من الليل، فخرج رجل منهم طليعة فيجد حاضر نعم، فيه النعم والشاء، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم، فأقبل القوم يدبون دبيبا يخافون الحرس، حتى انتهوا إلى الحاضر وقد ناموا وهدأوا، فكبروا وشنوا الغارة، فخرج إليهم رجال الحاضر، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثرت الجراح في الفريقين. وأصبحوا وجاء الخثعميون الدهم، فحال بينهم سيل أتي، فما قدر رجل واحد منهم يمضي حتى أتى قطبة على أهل الحاضر، فأقبل بالنعم والشاء والنساء إلى المدينة، فكان سهامهم أربعة أربعة، والبعير بعشرة من الغنم بعد أن خرج الخمس. وكان في صفر سنة تسع. [مغازي الواقدي 2/ 753 – 755]

الدروس المستفادة

الدروس المستفادة من هذا الحدث

  • يقظة النبي القائد العسكري في طلب الأعداء المحاربين لدين الله وحسن اختياره للقادة.
  • المواءمة بين تأديب الأعراب وعدم إهدار الدماء في غير موضعها.
  • القدرة القتالية العالية للمسلمين آنذاك مكنتهم من الخروج في معظم السرايا منتصرين على اعدائهم.