﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

قدوم وفد تميم

الخميس 16 ربيع الأوّل 1446, الخميس 19 سبتمبر 2024

قدمت على رسول الله ﷺ وفود العرب، فقدم عليه عطارد ابن حاجب بن زرارة بن عدس التميمي، في أشراف بني تميم، منهم الأقرع بن حابس التميمي، والزبرقان بن بدر التميمي، أحد بني سعد، وعمرو بن الأهتم، والحبحاب بن يزيد.

قال ابن هشام: الحتات وهو الذي آخى رسول الله ﷺ بينه وبين معاوية بن أبي سفيان، وكان رسول الله ﷺ قد آخى بين نفر من أصحابه من المهاجرين، بين أبي بكر وعمر، وبين عثمان بن عفان وعبد الرحمن ابن عوف، وبين طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، وبين أبي ذر الغفاري والمقداد بن عمرو البهراني، وبين معاوية بن أبي سفيان والحتات بن يزيد المجاشعي فمات الحتات عند معاوية في خلافته، فأخذ معاوية ما ترك وراثة بهذه الأخوة.

سائر رجال الوفد) :

قال ابن إسحاق: وفي وفد بني تميم نعيم بن يزيد، وقيس بن الحارث، وقيس بن عاصم، أخو بني سعد، في وفد عظيم من بني تميم.

قال ابن هشام: وعطارد بن حاجب، أحد بني دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، والأقرع بن حابس، أحد بني دارم بن مالك، والحتات بن يزيد، أحد بني دارم بن مالك، والزبرقان بن بدر، أحد بني بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وعمرو بن الأهتم، أحد بني منقر ابن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، وقيس بن عاصم، أحد بني منقر بن عبيد بن الحارث.

قال ابن إسحاق: ومعهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري، وقد كان الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن شهدا مع رسول الله ﷺ فتح مكة وحنينا والطائف.

(صياحهم بالرسول وكلمة عطارد) :

فلما قدم وفد بني تميم كانا معهم، فلما دخل وفد بني تميم المسجد نادوا رسول الله ﷺ من وراء حجراته: أن اخرج إلينا يا محمد، فآذى ذلك سول الله ﷺ من صياحهم، فخرج إليهم، فقالوا: يا محمد، جئناك نفاخرك، فأذن لشاعرنا وخطيبنا، قال: قد أذنت لخطيبكم فليقل، فقام عطارد بن حاجب، فقال:

الحمد لله الذي له علينا الفضل والمن، وهو أهله، الذي جعلنا ملوكا، ووهب لنا أموالا عظاما، نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعز أهل المشرق وأكثره عددا، وأيسره عدة، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برءوس الناس وأولي فضلهم؟

فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا، وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام، ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا، وإنا نعرف بذلك.

أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا، وأمر أفضل من أمرنا. ثم جلس.

(كلمة ثابت في الرد على عطارد) :

فقال رسول الله ﷺ لثابت بن قيس بن الشماس، أخي بني الحارث بن الخزرج: قم، فأجب الرجل في خطبته. فقام ثابت، فقال:

الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه، قضى فيهن أمره، ووسع كرسيه علمه، ولم يك شيء قط إلا من فضله، ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكا، واصطفى من خير خلقه رسولا، أكرمه نسبا، وأصدقه حديثا، وأفضله حسبا، فأنزل عليه كتابه وأتمنه على خلقه، فكان خيرة الله من العالمين، ثم دعا الناس إلى الإيمان به، فآمن برسول الله المهاجرون من قومه وذوي رحمه، أكرم الناس حسبا، وأحسن الناس وجوها، وخير الناس فعالا. ثم كان أول الخلق إجابة، واستجاب لله حين دعاه رسول الله ﷺ نحن، فنحن أنصار الله ووزراء رسوله، نقاتل الناس حتى يؤمنوا بالله، فمن آمن بالله ورسوله منع منا ماله ودمه، ومن كفر جاهدناه في الله أبدا، وكان قتله علينا يسيرا. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات، والسلام عليكم. ثم أسلموا، وجوزهم رسول الله ﷺ، فأحسن جوائزهم. [السيرة النبوية لابن هشام 2/560 – 567]

الدروس المستفادة

الدروس المستفادة من هذا الحدث

  • الأدب في الوقوف على التشريع الذي يقرره الرسول الكريم في شتى النواحي الخاصة والعامة في حياة المسلمين، وألا يقوم أحد بالمبادرة بالإدلاء برأي من جانبه؛ لأن في ذلك سبق يضر بحياة المسلمين ويشتت حياتهم، ويدفع بالتالي إلى الفوضى وتنازع الآراء.
  • الأدب في مخاطبة الرسول الكريم، بحيث لا يرفع أحد صوته فوق صوت الرسول الكريم، وذلك على نحو ما تقرره الآيات الكريمات في قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ}

[الحجرات2]

  • وفد بني تميم من أبرز الوفود التي جاءت إلى المدينة في ذلك العام، وذلك لمكانتها بين قبائل العرب، وسمعتها في مجال الأدب والخطابة والشعر.
  • أثر كثرة السرايا والبعوثات التي كان يرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم لدعوة الناس، فسرية عيينة بن حصن كانت سببا في قدوم وفد تميم، فقد أسر منهم أحد عشر رجلاً وإحدى عشرة امرأة، فقدم رؤساؤهم وأشرافهم ليشفعوا في هؤلاء الأسرى.