﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

الخميس 16 ربيع الأوّل 1446, الخميس 19 سبتمبر 2024

عن محمد بن إسحاق المطلبي، قال: ثم غزا أبو سفيان بن حرب غزوة السويق في ذي الحجة، وولى تلك الحجة المشركون من تلك السنة، فكان أبو سفيان كما حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، ويزيد بن رومان، ومن لا أتهم، عن عبد الله بن كعب بن مالك، وكان من أعلم الأنصار، حين رجع إلى مكة، ورجع فل قريش من بدر، نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا ﷺ، فخرج في مائتي راكب من قريش، ليبر يمينه، فسلك النجدية، حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له: ثيب، من المدينة على بريد أو نحوه، ثم خرج من الليل، حتى أتى بني النضير تحت الليل، فأتى حيي ابن أخطب، فضرب عليه بابه، فأبى أن يفتح له بابه وخافه، فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم، وكان سيد بني النضير في زمانه ذلك، وصاحب كنزهم، فاستأذن عليه، فأذن له، فقراه وسقاه، وبطن  له من خبر الناس، ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه، فبعث رجالا من قريش إلى المدينة، فأتوا ناحية منها، يقال لها: العريض، فحرقوا في أصوار من نخل بها، ووجدوا بها رجلا من الأنصار وحليفا له في حرث لهما، فقتلوهما، ثم انصرفوا راجعين، ونذر بهم الناس. فخرج رسول الله ﷺ في طلبهم، واستعمل على المدينة بشير بن عبد المنذر، وهو أبو لبابة، فيما قال ابن هشام  ، حتى بلغ قرقرة الكدر، ثم انصرف راجعا، وقد فاته أبو سفيان وأصحابه، وقد رأوا أزوادا من أزواد القوم قد طرحوها في الحرث يتخففون منها للنجاء، فقال المسلمون، حين رجع بهم رسول الله ﷺ: يا رسول الله، أتطمع لنا أن تكون غزوة؟ قال: نعم.

(سبب تسميتها بغزوة السويق) : قال ابن هشام: وإنما سميت غزوة السويق، فيما حدثني أبو عبيدة: أن أكثر ما طرح القوم من أزوادهم السويق، فهجم المسلمون على سويق كثير، فسميت غزوة السويق. [السيرة النبوية لابن هشام 2/44 – 45]

الدروس المستفادة

الدروس المستفادة من هذا الحدث

  • نصر الله لنبيه بالرعب، وهذه من خصائصه ﷺ، فأبو سفيان وأصحابه لما علموا بقدوم النبي ﷺ عليهم، جروا مسرعين وهربوا راجعين، يلقون جُرَب (جمع جراب، وهو وعاء من جلد) السويق، وهي عامة أزوادهم، يتخففون منها للنجاء (للهرب بسرعة).
  • هذه الغزوة وما شابهها ـ على صغرها وعدم حدوث قتال فيها ـ أشعرت المشركين في مكة، واليهود والمنافقين في المدينة المنورة، والأعراب خارج مكة والمدينة، أن المسلمين أشداء أقوياء، ولن يصدهم عن دينهم ودعوتهم إليه شيء، وهذا من باب إعداد وإظهار القوة للذين يكيدون للإسلام ويتآمرون عليه، كما قال تعالى

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾

[الأنفال:60]