﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

وفاة سعد بن معاذ

الخميس 16 ربيع الأوّل 1446, الخميس 19 سبتمبر 2024

قال ابن إسحاق: فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه، فمات منه شهيدا.

قال ابن إسحاق: حدثني معاذ بن رفاعة الزرقي، قال: حدثني من شئت من رجال قومي: أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله ﷺ حين قبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من إستبرق، فقال: يا محمد، من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء، واهتز له العرش؟ قال: فقام رسول الله ﷺ سريعا يجر ثوبه إلى سعد، فوجده قد مات.

قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: أقبلت عائشة قافلة من مكة، ومعها أسيد بن حضير، فلقيه موت امرأة له، فحزن عليها بعض الحزن، فقالت له عائشة: يغفر الله لك يا أبا يحيى، أتحزن على امرأة وقد أصبت بابن عمك، وقد اهتز له العرش! قال ابن إسحاق: وحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري، قال: كان سعد رجلا بادنا، فلما حمله الناس وجدوا له خفة، فقال رجال من المنافقين: والله إن كان لبادنا، وما حملنا من جنازة أخف منه، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ، فقال: إن له حملة غيركم، والذي نفسي بيده، لقد استبشرت الملائكة بروح سعد، واهتز له العرش. قال ابن إسحاق: وحدثني معاذ بن رفاعة، عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو ابن الجموح، عن جابر بن عبد الله، قال: لما دفن سعد ونحن مع رسول الله ﷺ، سبح رسول الله ﷺ، فسبح الناس معه، ثم كبر فكبر الناس معه، فقالوا: يا رسول الله، مم سبحت؟ قال: لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره، حتى فرجه الله عنه. قال ابن هشام: ومجاز هذا الحديث قول عائشة: قال رسول الله ﷺ: إن للقبر لضمة لو كان أحد منها ناجيا لكان سعد بن معاذ. قال ابن إسحاق: ولسعد يقول رجل من الأنصار:

وما اهتز عرش الله من موت هالك ... سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو

وقالت أم سعد، حين احتمل نعشه وهي تبكيه- قال ابن هشام- وهي كبيشة بنت رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبد بن الأبجر، وهو خدرة ابن عوف بن الحارث بن الخزرج:

ويل أم سعد سعدا... صرامة وحدا

وسوددا ومجدا ... وفارسا معدا

سد به مسدا ... يقد هاما قدا يقول رسول الله ﷺ: كل نائحة تكذب، إلا نائحة سعد بن معاذ. [السيرة النبوية لابن هشام 2/250 – 252]

الدروس المستفادة

الدروس المستفادة من هذا الحدث

مدي صدق سعد بن معاذ في الجهاد في سبيل الله، وقبول الله لعمله، فالله يقبل العبد الصادق، فيجزيه خير الجزاء، فسيدنا سعد بن معاذ هو الصحابي الذي اهتز العرش لوفاته، وسالت من أجله دموع الرسول عليه ﷺ.

العمر ليس يقاس بالسنين ولكن بالأعمال، فالأثر الذي يتركه المرء في حياته لا علاقة له بالعمر أو المعرفة ولكنه بالعزة والكرامة وشهادة الحق.

من يتمني من الله شيئا بصدق يعطيه الله عز وجل سؤله فلا تتمني غير الأفضل.