﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

وجوب مشاورة ذوي الأحلام

الإثنين 09 جمادى الأولى 1443, الاثنين 13 ديسمبر 2021

ودليل ذلك قوله تعالى: 

{فَبِمَا رَحْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ}

(2).

قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة:

"كان رسول الله ﷺ يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث تطييباً لقلوبهم ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه:

______________________

2. سورة آل عمران، الآية (159).


كما شاورهم يوم بدر في الذهاب إلى العير.. وشاورهم أين يكون المنزل؟ حتى أشار المنذر بن عمرو بالتقدم أمام القوم.

وشاورهم يوم أحد في أن يقعد في المدينة أو يخرج إلى العدو، فأشار جمهورهم بالخروج إليهم فخرج إليهم.

وشاورهم يوم الخندق في مصالحة الأحزاب بثلث ثمار المدينة عامئذ، فأبى عليه السعدان: سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فترك ذلك.

وشاورهم يوم الحديبية في أن يميل على ذراري المشركين؟ فقال له الصديق: إنا لم نجئ لقتال، وإنما جئنا معتمرين، فأجابه إلى ما قال.

وقال ﷺ في قصة الإفك: أشيروا علي معشر المسلمين في قوم أبنوا أهلي (1) ورموهم، وأيم الله ما علمت على أهلي من سوء، والله ما علمت إلا خيراً..

 وكان ﷺ يشاورهم في الحروب ونحوها" (2).

 وسواء أقلنا بوجوب الشورى عليه صلى الله عليه وسلم أم قلنا بغير ذلك، فالذي فهمه الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون وجوب التأسي به ﷺ في هذا الأمر لمن قلد أمر هذه الأمة.

 ولقد شاور أبو بكر رضي الله عنه الصحابة في مدة ولايته، وشاورهم عمر رضي الله عنه، بل إنه منع كبار الصحابة من مغادرة المدينة حرصاً على قربهم منه للاستفادة من آرائهم، وشاور عثمان، وشاور علي رضي الله عنهما.

______________________

1. أبنوا أهلي: أي رموهم بخلة سوء.

2. تفسير ابن كثير عند تفسير الآية المذكورة.

 


وكذلك فعل الولاة الصالحون، ومنهم عمر بن عبدالعزيز الذي جمع فقهاء المدينة السبعة عندما تولى إمرتها وجعلهم أهل مشورته.

وهكذا فقد فهم قادة المسلمين أن الشورى أمر مما يتأسى به بفعل النبي صلى الله عليه وسلم. فأين الخصوصية إذن؟

لا يستوقفنا أمر حكمها، فسواء أكانت واجبة أم غير واجبة، فهي ليست من الخصائص، وإنما مثلها مثل بقية الأحكام في الالتزام والعمل بها مِمن يتطلب منصبهم ذلك.

 "وقد قال الحسن البصري عند قوله تعالى: 

{وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ} 

علم الله أنه ما به إليهم من حاجة، ولكن أراد أن يستن به من بعده" (1).

فأين الخصوصية إذن؟!.

______________________

1. غاية السول ص (100).

مواد ذات صلة