﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

تحريم أكل ما له رائحة كريهة

الإثنين 09 جمادى الأولى 1443, الاثنين 13 ديسمبر 2021

قال الماوردي: اختص رسول الله ﷺبتحريم أكل ما تؤذي رائحته من البقول كالثوم والبصل والكراث (3).

______________________

3. انظر مرشد المحتار ص 141، واللفظ المكرم 1/ 205.



 واستدل بعضهم لذلك بالحديث المتفق عليه عن جابر بن عبدالله: أن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: 

(مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا - أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا - وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ) وَأَنَّ النَّبِيِّ ﷺ أُتِيَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنْ الْبُقُولِ فَقَالَ قَرِّبُوهَا إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ كُلْ فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي)

(1).

وليس في الحديث أصلاً ما يشير إلى الخصوصية من قريب أو بعيد.

ويبعد القول بالتحريم، ما ورد في الأحاديث الأخرى من نفي ذلك:

فعن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ لَمْ نَعْدُ أَنْ فُتِحَتْ خَيْبَرُ فَوَقَعْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي تِلْكَ الْبَقْلَةِ الثُّومِ وَالنَّاسُ جِيَاعٌ فَأَكَلْنَا مِنْهَا أَكْلًا شَدِيدًا ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرِّيحَ فَقَالَ: (مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ شَيْئًا فَلَا يَقْرَبَنَّا فِي الْمَسْجِدِ) فَقَالَ النَّاسُ: حُرِّمَتْ حُرِّمَتْ فَبَلَغَ ذَاكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ بِي تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لِي وَلَكِنَّهَا شَجَرَةٌ أَكْرَهُ رِيحَهَا)

(2).

فهذا نص بنفي التحريم بالنسبة له ولغيره، وذلك واضح في قوله: (إِنَّهُ لَيْسَ بِي تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لِي) فقوله: (لِي) ينفي أن يكون لخ حكم خاص به في هذه المسألة يختلف عن حكم غيره من الناس. وإنما كان امتناعه ﷺ من تناولها للأسباب التي سبق ذكرها.

______________________

1. متفق عليه (خ 855، م 564).

2. أخرجه مسلم برقم (565).

مواد ذات صلة