﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

الحكم بغير دعوى ولا بينة

الثلاثاء 10 جمادى الأولى 1443, الثلاثاء 14 ديسمبر 2021

قال ابن دحية (2) في الخصائص: اختص ﷺ بإباحة الحكم بغير دعوى ولا بينة، حتى كان له قتل من اتهم بالزنا. ولا يجوز ذلك لغيره (3).

احتج لذلك بما في صحيح مسلم، 

عَنْ أَنَسٍ: (أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِعَلِيٍّ اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ) فَأَتَاهُ عَلِيٌّ فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ  يَتَبَرَّدُ فِيهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ اخْرُجْ، فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنْهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ

(4) (5).

______________________

2. ابن دحية، هو عمر بن الحسن بن علي، أبو الخطاب ابن دحية الكلبي، أديب مؤرخ حافظ للحديث من أخل بلنسية بالأندلس، توفي بالقاهرة سنة (633 هـ).

3. مرشد المحتار ص 221.

4. الركي: البئر.

5. أخرجه مسلم برقم (2771).



والحقيقة: أن هذا الحديث ليس دليلاً على الحكم بغير دعوى ولا بينة، وبالتالي ليس من الخصوصيات في شيء.

 فالحديث يدل على أن علياً رضي الله عنه كان عالماً بسبب الأمر بالقتل، مما يدل على أن الشائعة قد انتشرت بين الناس، فلم يحتج النبي ﷺ أن يبين لعلي سبب الأمر بالقتل. فلما ذهب علي ورآه محبوباً امتنع عن قتله.

 ثم إن عقوبة الزنا ليست القتل بالسيف.

ثم كان ينبغي أن يأمر يرجم أم الولد.

 كل هذه الأمور تبين أن الرسول ﷺ أراد أن يقضي على الشائعة المنتشرة ببيان علني واضح، فعلم وجود الرجل يتبرد في البئر، فعندها أمر علياً بقتله.. فلما ذهب واستخرجه منها وجده مجبوباً وهكذا قضي على الفرية التي روج لها المنافقون، كما فعلوا في حادثة الإفك.

 وبهذا تبين حكمته ﷺ في معالجة الأمور.

قال الإمام ابن حزم في كتابه الانتصار، كما نقله عنه ابن طولون:

 "من ظن أنه ﷺ أمر بقتله حقيقة بغير إقرار ولا بينة فقد جهل، وإنما كان النبي ﷺ يعلم أنه يرى ما نسب إليه ورمي به، وإن الذي نسب إليه كذب، فأراد ﷺ إظهار الناس على براءته، وأن يوقفهم على ذلك مشاهدة، فبعث علياً هو ومن معه فشاهدوه مجبوباً" (1).

______________________

1. مرشد المحتار ص 223.

مواد ذات صلة