﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

وفاة أم النبي ﷺ

الإثنين 13 ربيع الأوّل 1446, الاثنين 16 سبتمبر 2024

ردته حليمة لأمه لما كان من شق صدره -صلى الله عليه وسلم- فأقام عند أمه وجده عبد المطلب بن هاشم في كلاءة الله وحفظه، ينبته الله نباتا حسنا لما يريد به من كرامته، فلما بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ست سنين، خرجت به أمه إلى المدينة ومعها أم أيمن وله ست سنين، فزارت أخواله (من جهة أم عبد المطلب بن هاشم: سلمى بنت عمرو النجارية).

قالت أم أيمن: فجاءني ذات يوم رجلان من يهود المدينة فقالا لي: أخرجي إلينا أحمد ننظر إليه فنظرا إليه وقلباه، فقال أحدهما لصاحبه: هذا نبي هذه الأمة وهذه دار هجرته، وسيكون بها من القتل والسبي أمر عظيم.

فلما سمعت أمه خافت وانصرفت به، فماتت بالأبواء -بين مكة والمدينة- وهى راجعة به إلى مكة.

 رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَن عَلْقَمَة بن يزِيد، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: انْتَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رسم قبر فَجَلَسَ وَجلسَ النَّاس حوله فَجَعَلَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ كَالْمُخَاطِبِ، ثُمَّ بَكَى.

فَاسْتَقْبَلَهُ عمر فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:

"هَذَا قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَأَبَى عَلَيَّ، وَأَدْرَكَتْنِي رِقَّتُهَا فَبَكَيْت ".

قَالَ: فَمَا رؤيت سَاعَةً أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. [السيرة النبوية لابن هشام 1/168].

الدروس المستفادة

الدروس المستفادة من هذا الحدث

  • تحزن أيها اليتيم فقد كان نبيك يتيما مثلك، بل إنه لم ير أباه قط، وما شبع من حنان أمه، وفي هذا تسلية لك، وإعانة على عدم اليأس.

    {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}

أي: وجدك لا أم لك، ولا أب، بل قد مات أبوه وأمه وهو لا يدبر نفسه، فآواه الله، وكفله جده عبد المطلب، ثم لما مات جده كفله الله عمه أبا طالب، حتى أيده بنصره وبالمؤمنين.

  • فضل الله تعالى على من يؤويه، وكرمه على من يغنيه، فهو – سبحانه -قد تولى إِعداد النبي -وتربيته، وسخر له في كل مرحلة من مراحل حياته من يصلح لتلك المرحلة، وهذا من جميل ترتيب الله وتقديره لعبده.