اختص ﷺ بأنه خاتم (1) النبيين، والأدلة على ذلك كثيرة:
قال الله تعالى:
{مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍۢ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّنَ ۗ}
(2).
قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة: "فهذه الآية نص في أنه لا نبي بعده، وإذا كان لا نبي بعده فلا رسول بالطريق الأولى والأحرى لأن مقام الرسالة أخص من مقام النبوة، فإن كل رسول نبي ولا ينعكس. وبذلك وردت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جماعة من الصحابة" انتهى.
______________________
1. يقال: خاتم، بفتح التاء وكسرها، وقد قرئ بهما، والفتح: بمعنى الختام والانتهاء، والمعنى أنه انتهاء النبيين، فهو كالخاتم والطابع الذي يكون عند الانتهاء.
2. سورة الأحزاب، الآية (40).
والكسر: بمعنى أنه خاتمهم، يعني جاء آخرهم، فلم يبق بعده نبي، فيه انتهت النبوة والرسالة ﷺ [عن حاشية غاية السول ص 256 نقلاً عن الإحياء 2/ 202].
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا تِلْكَ اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ)
(1).
وأخرج الشيخان عن جابر نحوه (2).
وأخرج مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:
(فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ)
(3).
ولا يعترض على ختم النبوة بنزول عيسى (4) آخر الزمان، فإنه لا يأتي بشريعة، ولكنه يعمل بشريعة نبينا محمد ﷺ.
وقد وردت أحاديث كثيرة بذكر خاتم النبوة الذي كان في ظهر رسول الله ﷺ.
فقد أخرج مسلم عن جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ:
رَأَيْتُ خَاتَمًا فِي ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺكَأَنَّهُ بَيْضَةُ حَمَامٍ
(5).
وَعَنْ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ
(6).
______________________
1. متفق عليه (خ 3535، م 2286).
2. متفق عليه (خ 3534، م 2287).
3. أخرجه مسلم برقم (523).
4. نزول عيسى عليه السلام ثابت بأحاديث كثيرة منها: عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ) متفق عليه (خ 222، م 155).
5. أخرجه مسلم برقم (2344).
6. متفق عليه (خ 190، م 2345) والحجلة: بيت كالقبة له أزرار كبار وعرى.