الفطرة في اللغة: الخلقة التي خلق عليها المولود في رحم أمه.
والفطرة أيضاً: الدين.
وفطر الله الخلق: خلقهم وبرأهم.
ومعنى كون الإسلام دين الفطرة: هو أن هذا الدين جاء متناسباً مع أصل خلقة الإنسان قبل أن تعمل فيه عوامل الانحراف والتضليل.
وقد جاء في الحديث الصحيح قوله ﷺ:
(مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ)
(2).
وفي حديث الإسراء والمعراج من حديث أبي أَبُو هُرَيْرَةَ
(أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ قَالَ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ)
(3).
وفي رواية قال ﷺ:
(فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: هِي الْفِطْرَةَ التي أَنْتَ عَليها أُمَّتُكَ)
(4).
وإذا كان الدين مسايراً للفطرة، فذلك يعني أن التزام الإنسان بهذا الدين سهل ميسور، لأن أوامره ونواهيه ليست متعارضة مع فطرتهم بل هي مسايرة لها. فهما يسيران في اتجاه واحد.
______________________
2. متفق عليه (خ 1358، م 2658).
3. متفق عليه (خ 4709، 168 م).
4. متفق عليه (خ 3887، م 164).
وهذا من نعم الله تعالى على هذه الأمة، ومن خصائص هذا الدين.
وفي ضوء هذا نقرأ قوله تعالى:
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}
(1).
قال ابن كثير - رحمه الله -: فسدد وجهك واستمر على الدين الذي شرعه الله لك.. وأنت مع ذلك ملازم فطرتك السليمة التي فطر الله الخلق عليها.
{لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ۚ }
قال بعضهم: معناه: لا تبدلوا خلق الله فتغيروا الناس عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها. فيكون - الكلام - خبراً بمعنى الطلب.
وقال آخرون: هو خبر معناه: أن الله تعالى ساوى بين خلقه كلهم في الفطرة على الجبلة المستفيمة لا يولد أحد إلا على ذلك، لا تفاوت بين الناس في ذلك
{ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ}
أي التمسك بالشريعة والفطرة السليمة، هو الدين المستقيم (2).
والخلاصة: إن هذا الدين ملائم لفطرة الإنسان، الأمر الذي يساعده على أداء شعائر هذا الدين. مع الراحة النفسية الكاملة.
______________________
1. سورة الروم، الآية (30).
2. تفسير ابن كثير عند الآية الكريمة.