وأقصد به أخبار النبي ﷺ بحقائق علمية في عدة مجالات في وقت لم يكن أحد يعرف معناها، ولم تعرف إلا بعد ذلك، فوجه الدليل إخباره ﷺ بها قبل أن يعرف عنها أحد وظهور الأمر كما أخبر ﷺ.
وقد أُلفت في هذا مؤلفات كثيرة، تبين مدى الإعجازات العلمية الدقيقة التي تكلم عنها النبي ﷺ قبل أربعة عشر قرناً، ولم نعرف معناها إلا الآن في هذا القرن، فمن ذلك ما ألفه الدكتور مختار سالم بعنوان "الإبداعات الطبية لرسول الإنسانية" (1)، ذكر فيها أنواعاً كثيرة من العلاجات النبوية لأمراض بعضها لم يعرف له دواء إلى الآن، وكيف أن النبي ﷺ أخبر بخروج طاعون العصر (الإيدز)؛ كما في حديث
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا. . ." (2).
وفي الصحيحين (3) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. طبعته مؤسسة المعارف في بيروت، الطبعة الأولى، 1995م.
2. أخرجه ابن ماجه، كتاب الفتن، باب: العقوبات، رقم (4019)، وهو حديث حسن، انظر: صحيح سنن ابن ماجه، للألباني (2/ 370)، رقم (3246)، والسلسلة الصحيحة (1/ 216)، رقم (106).
3. متفق عليه (البخاري: كتاب الوضوء، باب: الماء يغسل به شعر الإنسان، رقم (167)، ومسلم: كتاب الطهارة، باب: حكم ولوغ الكلب، رقم (421)).
"إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ" فقد ثبت طبياً أن لسان الكلب يحمل فطريات ضارة جداً بالإنسان، وهذه الفطريات لا تزول ولا تقتل إلا بالتراب مع الماء (1).
وفي صحيح البخاري (2) أيضاً أن النبي ﷺ قال: "إِذَا سَقَطَ الذُّبَابُ فِي إناء أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ دواء".
وأثبتت التجارب الطبية أن الذبابة تحمل في أحد جناحيها جراثيم مضرة، وفي الآخر فطريات تقتل هذه الجراثيم (3).
وغير ذلك من أنواع الإعجاز وألوانه التي يطول المجال في ذكرها، وهذا يدل على أن النبي ﷺ لا يقول هذا من عند نفسه بل من الوحي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. انظر: القرآن والسنة في العلوم الحديثة (ص 69).
2. أخرجه البخاري، كتاب الطب، باب: إذا وقع الذباب في الإناء، ورقم (5336).\
3. انظر: معجزات في الطب للنبي العربي محمد ﷺ، تأليف الطبيب محمد سعيد السيوطي (ص 64)، مؤسسة الرسالة، بيروت؛ الطبعة الثانية، 1986م.