استقر الرسول ﷺ والمؤمنون من حوله بالمدينة التي أصبحت دار الإسلام ومعقل الدعوة، وبدأت حياة البناء المادي بعد أن سبق الإعداد المعنوي. ولكن الشرك الذي طارد الرسول الكريم مئات الأميال لم يكن ليدع المؤمنين في حياة هادئة مطمئنة، وكان لا بد من وجود القوة التي تحمي الدعوة وتكف الأذى عنها.
وفي أواخر السنة الأولى للهجرة نزل الإذن بالقتال حيث قال تعالى:
{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ٱلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَٰرِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّآ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا ٱللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍۢ لَّهُدِّمَتْ صَوَٰمِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَٰتٌ وَمَسَٰجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسْمُ ٱللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥٓ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ} .
(1)
لم يكن أمراً مفاجئاً بل كان متوقعاً ومنتظراً، كان مشركو مكة يؤذون أصحاب رسول الله ﷺ أذى شديداً وكانوا يأتون رسول الله ﷺ بين مضروب ومشجوج يتظلمون إليه فيقول لهم: اصبروا فإني لم أومر بقالتهم (2). . . وكانت الآيات تنزل آمرة المؤمنين بالصبر. . حتى كانت الهجرة. . . فكان الإذن.
_______________________
(1) سورة الحج: الآيتان 39-40.
(2) شرح الزرقاني 1/ 387.